تُعرف مادبا باسم "مدينة الفسيفساء" وهي موطنًا لإحدى أكبر الجماعات المسيحية في جميع أنحاء الأردن. وقد اضطلعت البطريركية اللاتينية في القدس بدور بارز في تعمير وازدهار مدينة مادبا التي تتميّز بتاريخها العريق. فقد حظيت بمكانة مرموقة في مجال التعليم من خلال مدرسة البطريركية وجامعتها.
تاريخ الرعية
في العام 1880، حصلت البطريركية اللاتينية في القدس على أرض في مادبا، بالقرب من جبل نيبو، لاستضافة العشائر المسيحية التي وصلت من الكرك (جنوب الأردن). وقبل وصولهم، كان المهاجرون المسيحيون يقطنون في الخيام ويصلون في الكهوف في مدينة ذيبان. وفي العام 1881، استقرت العشائر المسيحية أخيرًا في مادبا وحصلت على تصريح من الأتراك يثبت ملكيتهم للأرض. فأخذوا يبنون منازل لهم باستخدام الحجارة البيزنطية الموجودة في قرية مادبا. وخلال هذه الفترة، تكبد المسيحيون معاناة استمرت لفترة طويلة بسبب القبائل القائمة التي سعت للسيطرة على الأراضي والممتلكات الزراعية.
الكهف الذي استضاف الرعية الأولى في عام 1880
في العام 1883، قامت البطريركية اللاتينية ببناء أول كنيسة لاتينية على أعلى قمة في مادبا تُعرف باسم الأكروبوليس، فضلًا عن دير صغير ومدرسة ابتدائية. وفي العام 1896، وصلت خمسة راهبات من راهبات الوردية إلى رعية مادبا للمساعدة في خدمة الرعية. وفي العام 1913، شُيدت كنيسة جديدة فوق الكنيسة القديمة باستخدام حجارة من الأكروبوليس. وتم الاحتفال بالقداس الأول عشية عيد الميلاد. ومنذ ذلك الحين، أقيمت الخدمات الدينية باستمرار دون انقطاع.
أثناء بناء الكنيسة، تم الكشف عن العديد من البقايا الأثرية والفسيفساء التي يعود تاريخها إلى الحضارات القديمة من الموآبيين والأنباط والبيزنطيين والرومان، والتي ما زالت موجودة في كنيسة الرعية والمواقع السياحية. عند زيارتك للكنيسة سوف تجد الأعمدة الرومانية والتيجان الكورنثية، ومعرض للصور القديمة لمادبا (1902-1911)، ودرج القلعة، وبئر على زمن الموآبيين، وفسيفساء مادبا، ونموذج لمادبا في القرن السادس الميلادي، وأنفاق قديمة من العصر البيزنطي.
قام المؤمنون بتسمية رعيتهم تكريمًا للقديس يوحنا المعمدان، الذي قُطع رأسه على يد هيرودس في قلعة مكاور الواقعة على بعد 32 كيلومترًا جنوب غرب مادبا.
في 7 كانون الأول 1967، تم الاعتراف بكنيسة مادبا اللاتينية من قبل الفاتيكان كمزار للقديس يوحنا المعمدان. كما أنها شجّعت الحجاج على زيارة هذا المكان المقدس. وفي 26 آب 2011، كرس البطريرك السابق فؤاد الطوال وبارك ضريح القديس يوحنا في غرف القلعة القديمة أسفل الكنيسة والدير.
في العام 2005، دشّن البطريرك السابق ميشال صباح الكنيسة الثانية لرعية مادبا، التي كُرست للروح القدس.
مدرسة البطريركية
على مر السنين، ساهم العديد من الكهنة اللاتين الذين جاءوا لخدمة رعية مادبا في تطوير المشهد التعليمي في مادبا. وكان من بينهم الاب يوسف منفردي، وهو كاهن إيطالي اشتهر بمعرفته العميقة، وقد وصل في العام 1896. وقد قام بتأسيس نظام تعليمي راسخ ومتميز للطلاب. وفي العام 1904، شرع في بناء مدرسة البطريركية اللاتينية مادبا. يوجد حالياً في المدرسة ما يقارب 516 طالبًا و370 طالبة. تشمل التعليم الثانوي وتضم الملاعب ومراكز للتعليم الثقافي والديني والروحي. كما كان للكهنة دور فعال في إدراج مجموعة متنوعة من التخصصات الفنية في المدرسة. فعلى سبيل المثال، قدّم الطلاب أول مسرحية لهم على مسرح المدرسة، مما جعله أول مسرح في الأردن، والذي يعود تاريخه إلى العام 1918.
مدرسة البطريركية عام 1924
حققت مدرسة البطريركية اللاتينية في مادبا إنجازات مهمة على مر السنين، حيث تعمل على تنشئة أجيال من الخريجين مسؤولين اجتماعيًا وأثرياء ثقافيًا، مستعدين لمجابهة عالم دائم التغير. ومن بين البرامج المبتكرة العديدة التي أنشأتها المدرسة ما يلي:
- "منتدى القيادة الطلابية،" الذي يساعد على تعزيز المهارات القيادية من خلال جمع الطلاب المهتمين من كافة مدارس البطريركية في الأردن والمؤسسات الخاصة الأخرى.
- "الأيام الطبية المجانية،" حيث يلبي الطلاب احتياجات المجتمع المحلي من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية للمحتاجين.
- "تعزيز الروح الرياضية" من خلال التعاون مع نادي ريال مدريد في الأردن.
- برنامج التبادل الثقافي مع الطلاب البولنديين.
الرؤية المستقبلية للمدرسة
- تكريمًا للإرث المسرحي، تسعى مدرسة البطريركية اللاتينية إلى تحويل المسرح إلى منشأة متطورة لا تقتصر على التكنولوجيا السمعية والبصرية فحسب، بل تعمل أيضا كمركز حيوي للتعبير الفني والنمو الشخصي.
- دمج التقنيات التعليمية الجديدة (مثل السبورات البيضاء) وغرف دراسة الطلاب.
- توسيع مناهجها الدراسية عن طريق إضافة لغات جديدة كالإيطالية أو الإسبانية لتزويد الطلاب بفرص للإثراء اللغوي والثقافي.
الجامعة الأمريكية في مادبا
في العام 2005، أنشأ بطريرك القدس للاتين جامعة في مادبا. وقد تطورت لتصبح جامعة ذات شهرة عالمية، تدمج القيم الكاثوليكية في تنميتها التعليمية والأخلاقية. وتضم حاليًا سبع كليات وتسعة عشر برنامج من برامج البكالوريوس وبرنامجين للدراسات العليا. كما تكرس الجامعة جهودها لبناء عالم أفضل من خلال الحكمة والعلم.
سيبدأ غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين زيارته الراعوية الى مادبا يوم الأربعاء 22 أيار ولغاية يوم الأحد 26 أيار 2024.
ترقبوا ألبوم الصور اليومية للزيارة الرعوية على صفحتنا على الفيسبوك: بطريركية القدس للاتين.